وقال قتادة: هو من قول المؤمنين، والأول أعني: أنه من قول الملائكة، قول الفراء.
* * *
قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [يس: ٨٢]
يقال: من المخاطب في قوله: ﴿كُنْ﴾ ؟
وفيه ثلاثة أجوبة عن الزجاج:
أحدها: أنه لم يقع، وإنما هو إخبار لحدوث ما يريد، كأنه في التقدير: إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يكونه فيكون، فعبر عن هذا المعنى بـ: ﴿كُن﴾ ؛ لأنه أبلغ فيما يراد.
والثاني: أن المعنى: إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول من أجله ﴿كُنْ فَيَكُونُ﴾، فالمخاطب في هذين الوجهين معدوم، وجاز أمر المعدوم؛ لأن الآمر هو الموجد له.
والثالث: أن هذا إنما هو في التحويلات نحو قوله: ﴿كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ﴾ [البقرة: ٦٥] و ﴿كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا﴾ [الإسراء: ٥٠] وما أشبه ذلك.
ولفظ الأمر في الكلام على عشرة أوجه:
أحدها: الأمر لمن دونك، نحو قولك لغلامك: قم.
والثاني: الندب، نحو قوله تعالى: ﴿فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا﴾ [النور: ٣٣].
والثالث: الإباحة، نحو قوله: ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ﴾ [الجمعة: ١٠].
والرابع: الدعاء، نحو قوله: ﴿آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً﴾ [البقرة: ٢٠١]، ونحو قوله: ﴿وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا﴾ [البقرة: ٢٨٦]
والخامس: الرغبة، نحو قوله: ارفق بنفسك، أحسن إلى نفسك.
والسادس: الشفاعة، نحو قولك: هب لي ذنبه، شفعني فيه.
والسابع: التحويل، نحو قوله: ﴿كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ﴾ [البقرة: ٦٥] و ﴿كُونُوا حِجَارَةً﴾ [الإسراء: ٥٠].


الصفحة التالية
Icon