والقول الثاني: أنه منصوب على الحال، على أحد وجهين: إما أن يكون على تقدير: ذا أمرٍ، ثم حذف: كما قال: ﴿وَلَكِنَّ الْبِرَّ﴾، أو يكون وضع المصدر موضع الحال كما يقال: جاء مشياً وركضاً، أي: ماشياً وراكضاً.
* * *
قوله تعالى: ﴿فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ﴾ [الدخان: ٢٩]
يقال ما معنى: ﴿فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ﴾ ؟.
وفيه ثلاثة أجوبة:
أحدها: أن المعنى: أهل السماء والأرض؛ لأنهم يسخط الله تعالى عليهم في مكان خزي.
والثاني: أن المعنى: لو كانت السماء والأرض ممن يبكي على أحد لم تبك على هؤلاء؛ لأنهم عصاة مجرمون.
والثالث: أن المعنى: أنه لم تبك عليهم كما تبكي على المؤمن إذا مات مصلاه ومصعد عمله، وهذا قول ابن عباس وسعيد بن جبير، والأول قول الحسن.
* * *
قوله تعالى: ﴿ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ﴾ [الدخان: ٤٩]
يسأل عن معنى: ﴿الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ﴾ هاهنا؟
وفيه جوابان:
أحدهما: أن يكون على طريق النقيض، المعنى: ذق إنك أنت الذليل المهين، إلا أنه جاء على جهة الاستخفاف، وهذا في الكلام مستعمل بقول الرجل للرجل يستجهله ويستحمقه: ما أنت إلا عاقل.
والثاني: ذق العذاب إنك أنت العزيز في قومك الكريم عليهم، وما أغنى عنك ذلك شيئاً.


الصفحة التالية
Icon