والجواب عن ذلك: أنه محذوف، والتقدير فيه: قاف القرآن المجيد ليبعثن، ويدل عليه قوله: ﴿أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا﴾.
وكذا جواب (إذا) محذوف، وتقديره أإذا متنا وكنا تراباً بعثنا أو رجعنا، ويدل عليه قوله: ﴿ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ﴾، أي: أمر لا ينال، وهو جحد منهم، كما تقول للرجل يخطئ في المسألة: لقد ذهبت مذهباً بعيداً من الصواب، أي: أخطأت.
ويقال: عجيب وعجاب وعجاب، وهذه أبنية للمبالغة، ومثله كبير وكبار وكبار، وله نظائر.
* * *
قوله تعالى: ﴿إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ﴾ [ق: ١٧].
يسأل عن توحيد ﴿قَعِيدٌ﴾ ؟
وعنه جوابان:
أحدهما: أنه واحد يراد به الجمع، قال الفراء: حدثني حيان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله: ﴿قَعِيدٌ﴾ قال: يريد قعوداً عن اليمين وعن الشمال، وهذا كما تقول: أنتم صديق لي، وكما قالوا: (رسول) في معنى (رسل) وقال الهذلي:
ألكني إليها وخير الرسول أعلمهم بنواحي الخبر
فجل (الرسول) في معنى (الرسل)، والعلة في هذا: (أن فعيلاً) و (فعولاً) من أبنية المصادر نحو: الزئير والدوي والقبول والولوع، والمصدر يقع بلفظ الواحد، ويراد به التثنية والجمع: لأنه جنس، والجنس يدل على واحده على ما هو أكثر منه.
الجواب الثاني: أن يكون المعنى: عن اليمين قعيد وعن الشمال قعيد، ثم حذف اكتفاء بأحد الاسمين عن الثاني؛ لأن المعنى مفهوم، قال الشاعر: