والجواب الرابع: أنه ثنى؛ لأن إلقاءه في النار لشدته بمنزلة إلقاء اثنين للواحد.
والجواب الخامس: أنه يريد (النون الخفيفة) كأنه قال: ألقين، فأجرى الوصل مجرى الوقف، فأبدل من النون ألفا.
كما قال:
وذا النصب المنصوب لا تنسكنه ولا تعبد الأوثان والله فاعبدا
وعليه تأول بعضهم قول امرئ القيس:
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل
من قال: أراد (قفن) ؛ لأن يخاطب واحداً بدلالة قوله في آخر القصيدة:
أحار ترى برقاً أريك وميضه كلمع اليدين في حبي مكلل
وهذا الجواب أضعف الأجوبة؛ لأنه محال أن يوصل الكلام والنية فيه الوقف.
* * *
قوله تعالى: ﴿يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ﴾ [ق: ٣٠]
قال أنس: طلبت الزيادة، وقال مجاهد: المعنى معنى الكفاية، أي: لم يبق مزيد لامتلائها، ويدل على هذا القول: ﴿لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ [هود: ١١٩]، ولا يمتنع القول الأول لوجهين:
أحدهما: أن هذا القول كان منها قبل دخول جميع أهل النار فيها.
والآخر: أن تكون طلبت الزيادة على أن يزاد في سعتها، ومثله حمل بعضهم قول النبي - ﷺ - يوم فتح مكة ألا تترك دارك فقال: (وهل ترك لنا عقيل من دار) ؛ لأنه كان قد باع دور بني هاشم لما خرجوا إلى المدينة. فعلى هذا يكون على المعنى الأول أي: وهل بقي زيادة، وجاء في التفسير: أن الله تعالى يخلق لجهنم آلة الكلام فتكلم، وقال