ولم يكتفوا بالسماع فقط من لفظ الشيخ في التحمل وإن اكتفوا به في الحديث
لأن المقصود في القراءة كيفية الأداء وليس كل من سمع من لفظ الشيخ يجيد الأداء الصحيح فلابد من تلقي الطالب قراءةً على الشيخ.
وأما أصحاب النبي ﷺ فكانت فصاحتهم وطباعهم السليمة تقتضي قدرتهم على الأداء كما سمعوه منه ﷺ لأنه نزل بلغتهم (١).
ثانياً : القارئ هو : الذي جمع القرآن حفظاً عن ظهر قلب وهو على ثلاثة أحوال (٢) :
الحالة الأولى : القارئ المبتدئ وهو : من أفرد قراءة واحدة إلى ثلاث قراءات.
الحالة الثانية : القارئ المتوسط وهو : من أفرد أربع قراءات إلى خمس قراءات.
الحالة الثالثة : القارئ المنتهي وهو : من عرف من القراءات أكثرها وأشهرها.
المطلب الثاني
الفرق بين القراءات والروايات وبيان الخلاف
الجائز والواجب
فالخلاف بين القارئ والراوي كالآتي :
إما أن يكون للقارئ كنافع المدني مثلاً أو للراوي عنه كقالون.
فإن كان للقارئ بكماله مما اجتمعت عليه الروايات فقراءة.
وإن كانت القراءة نسبت للراوي عن القارئ فهي رواية.
مثاله : القراءة بالفتح في لفظ (ضعف) في قوله تعالى :(اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً) (٣) قراءة حمزة مما أجمع عليه الرواة ورواية شعبة عن عاصم ورواية حفص بخلف عنه (٤).
وهذا هو الخلاف الواجب في القراءات والروايات بمعنى أن القارئ ملزم بالإتيان بجميعها، فلو أخل القارئ بشئ منها كان نقصاً في روايته، كأوجه مد البدل مع ذوات الياء لورش، فهي طرق وليست أوجهاً، وإن شاع التعبير عنها بالأوجه تساهلاً.

(١) إبراز المعاني من حرز الأماني ص١٤.
(٢) إرشاد المريد إلى مقصود القصيد ص٥-٦.
(٣) سورة الروم الآية ٥٤.
(٤) البدور الزاهرة في القراءات العشر المتواترة ص٢٤٨.


الصفحة التالية
Icon