فهذا الأثر لا يمنع أن يضاف إليه ما توصل إليه العلم الحديث في زماننا مما يسمى بنظرية "لابلاس" أو نظرية "السديم" عند علماء الفلك، الذين يثبتون أن الشمس والكواكب والأرض كانت قطعة واحدة، وأن الشمس كانت كرة نارية، وهي في أثناء سيرها السريع انفصلت عنها أرضنا والكواكب السيارة الأخرى (١)، فالسموات والأرض كانتا كتلة واحدة ملتصقتين، ثم فصلهما الله تعالى بقدرته القاهرة فصارتا على ما هي عليه الآن.
فلا تعارض بين هذا وما جاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ـ على فرض صحتهـ، وما درج عليه أهل التفسير في القديم، لإمكان الجمع بين المعنيين، وان ذلك يكون لونا من ألوان التكامل المعرفي بين علوم الوحي وعلوم الكون، والله تعالى أدرى بأسرار كلامه.
ومن ذلك قوله تعالى حكاية عن الشيطان في إغوائه بني آدم: ﴿وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ
وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذْ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا﴾
النساء/١١٩.

(١) وتلك الكواكب تسعة مرتبة حسب قربها من الشمس، وهي: عطارد والزهرة والأرض والمريخ والمشتري وزحل وأورانوس ونبتون وبلوتوه، ولكل منها مدار حسب تأثير الجاذبية، وهي تجري في الفلك، وهي تسعة أفلاك دون السموات المطبقة التي يعيش فيها الملائكة، والفلك استدارة في السماء تدور بالنجوم مع ثبوت السماء، أو هو مجراها وسرعة سيرها. انظر التفسير المنير ١٧/٤٤، وآيات الخالق الكونية ص ١٠٤، والمعجزات القرآنية ص ١٦.


الصفحة التالية
Icon