( ( وأما الضاد: فتقدم الكلام على أنها تخرج من المخرج الرابع من مخارج الفم، من أول حافة اللسان وما يليه من الأضراس، وهي مهجورة رخوة مطبقة مستعلية مستطيلة. واعلم أن هذا الحرف ليس من الحروف حرف يعسر على اللسان غيره، والناس يتفاضلون في النطق به. فمنهم من يجعله ظاء مطلقاً، لأنه يشارك الظاء في صفاتها كلها، ويزيد عليها بالاستطالة، فلولا الاستطالة واختلاف المخرجين لكانت ظاء، وهم أكثر الشاميين وبعض أهل المشرق. وهذا لا يجوز في كلام الله تعالى، لمخالفة المعنى الذي أراد الله تعالى، إذ لو قلنا ) الضَّالِّينَ)(الفاتحة: من الآية٧) بالظاء كان معناه الدائمين، وهذا خلاف مراد الله تعالى، وهو مبطل للصلاة، لأن (الضلال) هو ضد (الهدى)، كقوله:) ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ)(الإسراء: من الآية٦٧) ) وَلا الضَّالِّينَ)(الفاتحة: من الآية٧)ونحوه، وبالظاء هو الدوام كقوله:) ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ)(النحل: من الآية٥٨) وشبهه، فمثال الذي يجعل الضاد ظاء في هذا وشبهه كالذي يبدل السين صاداً في نحو قوله:) وَأَسَرُّوا النَّجْوَى)(طه: من الآية٦٢) و) وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا )(نوح: من الآية٧) فالأول من السر، والثاني من الإصرار. وقد حكى ابن جني في كتاب التنبيه وغيره أن من العرب من يجعل الضاد ظاء مطلقاً في جميع كلامهم. وهذه غريب، وفيه توسع للعامة. ومنهم من لا يوصلها إلى مخرجها بل يخرجها دونه ممزوجة بالطاء المهملة، لا يقدرون على غير ذلك، وهم أكثر لمصريين وبعض أهل المغرب. ومنهم من يخرجها لاماً مفخمة، وهم الزيالع ومن ضاهاهم. واعلم أن هذا الحرف خاصة إذا لم يقدر الشخص على إخراجه من مخرجه بطبعه لا يقدر عليه بكلفة ولا بتعليم.)