قلتُ: لا نُسلم اختصاصها بذلك لغةً، بل هي الجزاء مطلقاً، بدليل قوله تعالى " فأثابكم غمّاً بغمٍ " وقوله " هل ثُوِّبَ الكفَّارُ ما كانوا يفعلون "؟ أي هل جوزوا. غايته أن الثواب قد يكون خيراً، وقد يكون شرّاً، يُقصد به " التهكُّمُ والاستهزاءُ " كلفظ البشارة، لا اختصاص له لغةً بالخير، بل هو شاملٌ للشرِّ، قال تعالى " فبشرهم بعذاب أليم ".
٣٢ - قوله تعالى: (وَلَوْ أنَّهُمْ أقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالِإنْجِيلَ ومَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَيِّهِمْ) وقضيَّتُه أنَّ إقامةَ الكتاب، توجبُ سعة الرِّزق والرخاء.
فإِن قلتَ: ليس الأمر كذلك، لأنَّا نجد كثيراً من المؤمنين، ضيِّقي المعيشة في الدنيا؟
قلتُ: القضيَّةُ خاصةٌ بأهل الكتاب، لأنهم شكَوا ضيقَ الرزق، حتَّى قالوا " يدُ اللَّهِ مغلولةٌ " فأخبرهم الله أن ذلك التضييق عقوبة لهم، بعصيانهم وكفرهم، والله تعالىِ يجعل ضيق الرزق وسعته، نعمة في بعض عباده، ونقمةَ على الآخرين، فلا يلزم من توسيع الرزق الِإكرامُ، ولا من تضييقه الِإهانة.


الصفحة التالية
Icon