قلت: ذلك لا يدلُّ على أنه أوصاه بأداء ذلك في الحال، بل أوصاه في الحال بالأداء بعد البلوغ والتمييز، أو أن الله صيَّره عقب ولادته بالغاً مميِّزاً، بدليل قوله تعالى " إن مَثَلَ عيسى عند الله كمثلِ آدمَ " فكما أنه تعالى خلق آدم تاماً كاملاً دفعةً، فكذا القول في " عيسى " عليهما السلام، وهو أقرب إلى ظاهر قوله (مادمتُ حياً)، فما أوصاه بذلك إلا بعد بلوغه وتمييزه.
فإن قلتَ: الزكاة إنما تجب على الأغنياء، وعيسى لم يزل فقيراً، لابساً كساءً مدة مكثه في الأرض، مع علمه تعالى بحاله، فكيف أوصاه بها؟!
قلتُ: المراد بالزكاة هنا تزكيةُ النفس وتطهيرها من المعاصي، لا زكاة المال.
١٢ - قوله تعالى: (وإنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ).
قال ذلك هنا، وقال في الزخرف " وإنَّ اللَّهَ هوَ ربِّي وربُّكُمْ " بزيادة " هو " لأنه تعالى ذكر قصة عيسى عليه السلام هنا مستوفاة، فأغنى ذلك عن التأكيد، بخلافه ثَمَّ، ولذلك قال هنا: " فويلٌ للذينَ كفروا " وفي


الصفحة التالية
Icon