قلتُ: بل كان رحمةً للكافرين أيضاً، من حيث إنَّ عذاب الاستئصال أُخِّر عنهم بسببه.
أوكان رحمةً عامة، من حيثُ إنه جاء بما يُسعدهم إن اتَّبعوه، ومن لم يتَّبعه فهو المقصِّرُ. أو المراد بـ " الرحمة " الرحيم، وهو - ﷺ - كان رحيماً للكفَّار أيضاً، ألا ترى أنهم لمَّا شجَّوه، وكسروا رباعيته، حتى خرَّ مغشيّاً عليه، قال بعد إفاقته: " اللَّهم اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون ".
١٨ - قوله تعالى: (قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ).
فإن قلتَ: ما فائدةُ قوله " بالحق) ؟
قلتُ: ليس المرادُ " بالحقِّ " هنا نقيضَ الباطل، بل المرادُ ما وعده اللَّهُ تعالى إيَّاه، من نصرِ المؤمنين، وخذلانِ الكافرين، ووعدُه لا يكونُ إلَّا حقاً، ونظيرُه قولُه تعالى: (رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وبيْنَ قَوْمنَا بالحَقِّ).
أو أنَّ: قوله " بالحقِّ " تأكيدٌ لما في التصريح بالصِّفة من المبالغة وإن كانت لازمةً للفعل، ونظيرُه في عكسه من صفة الذمِّ قولُه تعالى (ويقتلونَ الأنبياءَ بغيرحقٍّ).
" تَمَّتْ سُورَةُ الأنبياء "