تعالى، كصفةِ نور مِشْكاةٍ فيها مصباحٌ، المصباحُ في " زُجَاجَةٍ " هي القنديل، والمصباحُ: الفتيلةُ الموقودةُ، والمشكاةُ: الأنبوبةُ في القنديل، فصار المعنى: كمثل نور مصباحٍ، في مشكاةٍ، في زجاجة.
فإِن قلتَ: لمَ مثَّل الله نورَه - أي معرفته - في قلب المؤمنِ، بنور المصباح دون نور الشمس، مع أن نورها أتمُ؟
قلتُ: لأن المقصود تمثيلُ النور في القلب، والقلبُ
في الصَّدْرِ، والصَّدرُ في البدن، كالمصباحِ، والمصباحُ في الزجاجةِ، والزجاجة في القنديل.
وهذا التمثيلُ لا يستقيم إِلَّا فيما ذُكر، ولأن نور المعرفة له آلاتٌ يتوقَّفُ هو على اجتماعها، كالذّهنِ، والفهم، والعقل، واليقظة، وغيرها من الصفات الحميدة، كما أنَّ نور القنديل، يتوقف على اجتماع القنديل، والزيتِ، والفتيلة وغيرها، أو لأن نور الشمس يُشرقُ متوجهاً إلى العالم السُّفلي، ونور المعرفةِ يُشرق متوجهاً إلى العالم العُلْوي، كنور المصباح.
ولكثرةِ نفع الزيتِ وخلوصهِ عمَّا يخالطه غالباً، وقعَ التشبيهُ في نوره دون نور الشمس، مع أنه أتمُّ من نور المصباح.