(١)..
أو أنَّ الله علم أنه لا يقوم غيره مقامه بمصالح ذلك المكان، واقتضت حكمته تعالى تخصيصه به، فألهمه سؤاله.
٨ - قوله تعالى: (إنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ العَبْدُ إِنَّهُ أَوَابٌ).
إن قلتَ: كيف وصف الله تعالى أيوب عليه السلام بالصبر، مع أن الصبر ترك الشكوى من ألم البلوى، وهو قد شكى بقوله " أَنِّي مَسَّنيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبِ وَعَذَابِ " وقوله " أني مَسّنِي الضُرُّ "؟
قلتُ: الشكوى إلى اللَّهِ تعالى لا يُنافي الصبر، ولا تُسمَّى جزعاً لما فيها من الجهاد والخضوع والعبودية للَّهِ تعالى، والافتقار إليه، ويؤيده قول يعقوب عليه السلام " إنَّمَا أشكُو بَثِّي وحُزْنِي إِلَى اللَّهِ " مع قوله " فَصَبْرٌ جَميلٌ " وقولهم: الصبرُ تركُ الشكوى أي إلى العباد، أو أنه عَليه السلام طلب الشفاء من الله تعالى، بعدما لم يبق منه إلَّا قلبُه ولسانُه، خيفةً على قومه أن يفتنهم الشيطان، ويوسوس إليهم أنه لو كان نبيًّا لَمَا ابتُلي بما هو فيه، ولكشفَ الله ضرَّه إذا دعاه.