ختمه هنا بقوله " لا يفقهون " وبعده بقوله " لا يعقلون " لأن الأول متصل بقوله " لأنتُمْ أشدُّ رهْبَةً في صدُورِهمْ منَ اللَّهِ " أي لأنهم يفقهون ظاهر الشيء دون باطنه، والفقهُ معرفةُ الظاهر والباطن، فناسب نفيُه الفقه عنهم.
والثاني متَّصلٌ بقوله " تَحْسبُهم جَمِيعاً وقلوبُهُمْ شَتَّى " أي لو عقلوا لاجتمعوا على الحقِّ ولم يتفرَّقوا، فناسب نَفيُ العقلِ عنهم.
إن قلتَ: كيف يستقيم التفضيلُ بأشدِّيةِ الرهبة، مع أنهم لا يرهبون الله، لأنهم لو رهبوه لتركوا النفاق والكفر؟!
قلتُ: معناه أن رهبتَهم في السرِّ منكم، أشدُّ من رهبتهم من الله تعالى، التي يظهرونها لكم، وكانوا يُظهرون للمؤمنين رهبةً شديدةً من الله تعالى.
٦ - قوله تعالى: (وَلْتنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ..) أي: يوم القيامة، وفائدة تنكير النَّفْس، بيانُ أنَّ الأنفس الناظرة في معادها قليلةٌ جداً، كأنه قيل: ولْتنظرْ نفسٌ واحدةٌ في ذلك، وأين تلك النَّفسُ!! وفائدةُ تنكير " الغَدِ " تعظيمُه، وإبهامُ أمره، كأنه قيل: لا تعرف النفسُ كُنْه عَظَمتِهِ وهوله، فالتنكير فيه للتعظيم، وفي النَّفس للتقليل.


الصفحة التالية
Icon