فَيَعْتَذِرُونَ)
إن قلتَ: نفيُ النطق عنهم يدلًّ على انتفاء الْاعتذار منهم، إذِ الِإعتذارُ لا يكونُ إلّاَ بالنًّطق، فما فائدةُ قوله عَقِبه " ولا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتذِرُونَ ".
قلتُ: معناه لا ينطقون ابتداءً بعذرٍ مقبول، ولا بعد أن يُؤذنَ لهم في الاعتذار، لو أُذن لهم فيه، إذِ الخائفُ عادةً قد لا ينطق لسانُه بعذرٍ وحجةٍ لخوفه، لكنْ إذا أُذن له فيه نَطَق، ففائدةُ ذلك نفيُ هذا المعنى، أي لا ينطقون ابتداءً بعذرٍ ولا بعد الِإذن.
فإن قلتَ: مَا ذُكر يُنافيه ما دلَّ عليه قوله تعالى " يومَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمينَ مَعْذِرتُهم " من وقوع الاعتذار منهم؟
قلت: لا يُنافيه لأن يوم القيامة يومٌ طويلٌ، فيعتذرون في وقتٍ، ولا يعتذرون في آخر، والجوابُ بأن المراد بتلك الآية " الظالمونَ " من المسلمين، وبما هنا " الكافرونَ " ضعيفٌ، لتعقيب تلك الآية بقوله تعالى " ولهُمُ اللَّعْنَةُ ولهمْ سُوءُ الدَّارِ ".
" تَمَّتْ سُورَةُ المرسلات "


الصفحة التالية
Icon