تعالى الجنة بما وصف، عجب الكفَّارُ من ذلك، فذكَّرهم غرائب صنعه، ولأنه لَمَّا ذكر ارتفاع سُرُرها. قالوا: كيف نصعدها؟ فنزلت هذه الآية.
والمعنى: أفلا ينظرون إلى الإِبلِ نظر اعتبارٍ، كيف خُلقت للأثقال، وحملها إلى البلاد البعيدة، وبروكها لتُحَمَّل، ونهوضها بما حملتْه، وسُخِّرتْ لكلّ من قادها، حتى الصبيِّ الصغير، وأُعطيت الصبرَ على العطش عشرة أيامِ فأكثر، وجُعلتْ ترعى كلَّ نباتٍ في المفاوز، دون غيرها منَ الدوابّ، وإنما لم يُذكر الفيلُ، والزرافةُ، والكدكند وغيرها، مما هو أعظم من الجمل، لأن العرب لم يروا شيئاً من ذلك ولا عرفوه.
وأما الجوابُ عن الثاني، فلأنَّ الإِبل كانت أنفسَ أموالهم وأكثرها، وإنما جمع بينها وبين ما بعدها، لأنهما جاءا على وفق عادة العرب، في انتفاعهم بالِإبل أكثر، ولا يحصل إلا بأن ترعى وتشرب، وذلك بنزول المطر من السماء، فعطفها في الذِّكر على الِإبل، ثم لا بدَّ لهم من حصنٍ يتحصنون به، ولا شيء في ذلك لهم كالجبال،


الصفحة التالية
Icon