وبتقدير عدم صلوحه فالتعليل " بأنْ تَضِلَّ " في الحقيقة إنما هو للتذكير، ومن شأن العرب إذا كانت للعلَّة عِلَّة، قدَّموا ذكر علَّة العِلَّة، وجعلوا العِلَّة معطوفة عليها بالفاء، لتحصل الدلالتان معاً بعبارة واحدة، كقولك: أعددتُ الخشبة أن يميل الجدار، فأدعمتُه بها، فالِإدعامُ علَّةٌ في إعداد الخشبة، والميْلُ علَّةُ الِإدعام.
١٢١ - قوله تعالى: (وَإِنْ كنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجدُوا كاتِباً فَرِهَانٌ مَقْبُوضَة..).
فإن قلتَ: كيف شرط السفر في الارتهان مع أنه ليس بشرطٍ فيه؟
قلتُ: لم يذكره لتخصيص الحكم به، بل لكونه مظنة عوز الكاتب، والشاهد، الموثوق بهما.
١٢٢ - قوله تعالى: (وَلاَ تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ..).
فإن قلتَ: ما فائدة ذكر القلب، مع أن الجملة موصوفة بالِإثم؟
قلتُ: لمَّا كان كتمانُ الشهادة هو إضمارُها في القلب، وإثمه مكتسباً بالقلب وبه، أسند الِإثم إليه، لأن إسناد الفعل إلى الجارحة التي يعمل بها أبلغُ، كما