قلتُ: معناه تكلُّمه في الحالتيْن بكلامِ الأنبياء، من غير تفاوت بين الطفولة والكهولة، التي يستحكم فيها العقل وتُنبَّأ فيها الأنبياء.
وقال الزجَّاجُ: هذا أُخرج مخرج البشارة لمريم، ببقاء " عيسى " إلى وقتِ الكهولة.
٢٣ - قوله تعالى: (أنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطينِ كهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ..) الآية.
نسبة هذه الأفعال إِلى عيسى، لكونه سبباً فيها ومعنى " بإِذن اللَّهِ " بإِرادته، وقال هنا " فأنفخُ فيهِ " وفي المائدة " فتنفخ فيها " بإِعادة الضمير هنا إلى الطير أو الطين، وفي المائدة إلى هيئة الطَّير، تفنُّناً جرياً على عادة العرب في تفنُّنهم في الكلام. وخَصَّ ما هنا بتوحيد الضمير مذكراً، وما في المائدة بجمعه مؤنثاً!!
قيل: لأنَّ ما هنا إخبارٌ من عيسى قبل الفعل فوحَّده،
وما في المائدة خطاب من الله له فى القيامة، وقد سبق من عيسى الفعلُ مرَّاتٍ فجمعه.