والبحث الدلالي أحد المباحث المهمة التي تركت أثرها الطيب في لغتنا الشمّاء، وهذا المبحث على عظم خطره فهو ليس بالجديد، بل كانت له جذوره المتأصلة في تراثنا العربي، وعند علماء العربية على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم، وتجاذبوا فيه أطراف الرأي، فاتفقوا في أمور واختلفوا في أخرى، مستندين في كل ذلك إلى كلام الجبار العزيز وسنة رسوله الأعظم محمّد (ص) وما ورد من أشعار العرب القدماء، متخذين من كل ذلك شاهدا ومصداقا لقولهم.
فالبحث الدلالي من أهم وسائل الكشف عن أسرار لغة هذا السفر الجليل ومواطن إعجازه، ولذا سعى المفسرون إلى الوصول إلى ذلك، فقدموا تفاسيرهم القيّمة التي كانت لهم ذكرا خالدا، وهي أعلام هداية وأنوار مضيئة تنير ما خفي من كلام الله عز وجل. وقد اقتضت منهجية البحث أن أسمه على فصول ثلاثة يسبقها تمهيد، وتعقبه خاتمة أدرجت فيها أبرز النتائج التي توصلت إليها.
أما التمهيد فقد جاء على قسمين : القسم الأول تناولت فيه حياة
البقاعي وأساتذته وطلابه ومؤلفاته، أما القسم الثاني فكان في كتابه وموارده. وأختص الفصل الأول : بالدلالة الصرفية والنحوية، وضمّ أربعة مباحث : الاشتقاق، ودلالة أبنية الصيغ الصرفية، ودلالة الاسم والفعل، ودلالة حروف المعاني.
وتناول الفصل الثاني الدلالة اللغوية وتشمل أربعة مباحث أيضاً : أقسام الدلالة، الحقيقة والمجاز، وتعدد المعنى ومشكلاته، وظاهرة العموم والخصوص.
وكان الفصل الثالث الدلالة السياقية عند البقاعي، وجعلته في خمسة مباحث مع توطئه، تمثل بالسياق ودلالة الأمر والنهي، والسياق ودلالة التقديم والتأخير، والسياق ودلالة الذكر، وختمته بالسياق وأسباب النزول.
ومن أهم الصعوبات التي واجهتني في مسيرة بحثي هي عدم الحصول على كتاب نظم الدرر إلاّ بعد عناء، وذلك لعدم توافر مجلداته كاملة.