وتأتي هذه الصيغة للمبالغة، وهو في المبالغة يدلّ على معاناة الأمر وتكراره، حتى أصبح كأنه خلقة في صاحبه وطبيعةً فيه (١). وهذا ما أورده البقاعي في قوله تعالى: ﴿... وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ﴾ (٢) فالمعنى: أي شديد الكظم لامتلائه من الكرب ما منع نفسه من عمل ما يقتضيه، ويشير البقاعي إلى لفظة كظيم على زنة (فَعِيل)، وهو للمبالغة في الحزن، إذ قال: ((وذلك اشد ما يكون على النفس واقوى ما يكون للحزن، وهو فَعِيل بمعنى مفعول، وهو أبلغ منه)) (٣) فقد أبان البقاعي أن صيغة (فَعِيل) من حيث إنّه صفة مشبهة أبلغ من صيغة مفعول في الدلالة، وقال السيوطي: ((كظيم)): إنه فيعل بمعنى فاعل أي شديد الحزن على أولاده. أو كاظم لحزنه لا يظهره لأحد، ولا يشكو إلاّ لله. وقيل: بمعنى مفعول؛ كقوله: ((إذْ نَادَى وَهْوَ مَكْظُوم) (٤) أي مملوءُ القلب بالحزن أو بالغيظ على أولاده)) (٥).
٤- فعّال:
وتدلّ هذه الصيغة على المبالغة، لأن فعالاً منقولة عن فعّال في الصنعة، لأن الأصل في المبالغة هو النقل من شيء إلى آخر؛ فتحصل عند ذلك المبالغة، وهذا البناء يقتضي المزاولة والتجديد، لأن صاحب الصنعة ملازم لها (٦).
(٢). يوسف: ٨٤.
(٣). نظم الدرر: ١٠/١٩٦.
(٤). القلم: ٤٨.
(٥). معترك الأقران: ٢/٢٢٨.
(٦). ينظر: معاني الأبنية: ١٠٨.