فالمعنى: لقد أرسلنا موسى وأعطيناه التوراة ثم أتبعنا بعد موته رسلاً على شريعته يجددون العهد يأمرون وينهون، وهذا ما أشار بلفظ (قفّينا) بمعنى أردفنا بعضهم خلف بعض في الدعاء إلى وحدانية الله تعالى والقيام بشرائعه على منهاج واحد، ولما نقضوا بني إسرائيل العهد فأحاطت بم الخطايا فاستحقوا الخلود في النار وتوقع السائل الإخبار عن سبب وقوعهم في ذلك هل هو جهل أو عناد؟ (١) فذكر سبحانه وتعالى: ((بما افتتحه بحرف التوقع فقال: ((لقد)) باللام التي هي توكيد لمضمون الكلام و ((قد)) هي لوقوع مرتقب مما كان خيراً أو مما سيكون علماً)) (٢).
د : لعل :
ذكر لها الزجاجي ثلاثة معانٍ ((تكون شكاً وإيجاباً واستفهاماً)) (٣) وقد وردت شكاً كما فسّرها البقاعي في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ (٤) وقد أشار البقاعي إلى ((لعلّ)) بقوله: ((وكل ما جاء من ((لعلّ)) المعلل بها أفعال تبارك وتعالى ينبغي أن تؤول بنحو هذا فإن لعلّ تقتضي الشك)) (٥) فالمعنى: إنّها تقتضي الشك لأنّها للطمع والإشفاق، فيطمع في كون مدخولها، ويشفق من إلاّ يكون، وتارة يكون الشك للمخاطب، وتارة يكون للمتكلم، ولو قيل: لتشكروا لم يكن هناك شك (٦)، وقال الحرالي: ((وفي لعلّ إبهام معلومة بأنّ منهم من يشكر ومنهم من لا يشكر)) (٧).

(١) ينظر: البحر المحيط: ١/٢٩٧، ومواهب الرحمن: ١/٣١٩، ومجمع البيان: ١/١٥٥
(٢). نظم الدرر: ٢/١٨.
(٣). حروف المعاني: ٣٠ ومعاني الحروف: ١٢٤، والازهية في علم الحروف: ٢٢٦. ومغني اللبيب: ١/٥٤٩
(٤). البقرة: ٥٦.
(٥). نظم الدرر: ١/٣٨٤.
(٦). ينظر: مواهب الرحمن: ١/٢٤٩.
(٧). نظم الدرر: ١/٣٨٤.


الصفحة التالية
Icon