وكذلك ما جاء في قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ...﴾ (١) ويشير البقاعي إلى نوعين من الدلالة، هما دلالة العبارة ودلالة الإشارة، إذ يقول البقاعي: ((كما دلّ عليه صريح العبارة وما أشبهها من ذكور الحيوان المنبه عليه بطريق الإشارة)) (٢) فالمعنى: صريح العبارة وهي الحقيقة التي تعرفونها من نبات وأشجار اما بطريق الإشارة وهو تعبير عن الحيوانات مع ظهور الحقول. (٣)
٢ـ المنطوق غير الصريح.
بينت سابقا إن المنطوق غير الصريح هو ما أقرّه المتكلمون يقابله عند الأحناف دلالة ((إشارة النص واقتضاء النص)). فهو دلالة الالتزام عند المناطقة والأصوليين، لأن دلالة الالتزام تمثل ((إشارة النص واقتضاءه)) فضلا عن دلالة الإيماء عند المتكلمين.
أما ما أجده عند البقاعي، فإني أرى أن البقاعي يشير تارة إلى دلالة الالتزام وتارة أخرى يشير إلى دلالة الإشارة والاقتضاء والإيماء، أي أنه يجمع بين التقسيمات التي أشار إليها المناطقة والأصوليون((الأحناف والمتكلمون))
ومن الدلالات التي تكلم عنها هي :
أ: دلالة الالتزام.
دلالة الالتزام: هي التي يعدل اللفظ فيها على أمر خارج عن الموضوع له من اللفظ (٤). ويشترط في هذه الدلالة أن يكون التلازم بين معنى اللفظ والمعنى الخارج اللازم تلازما ذهنيا، فلا يكفي التلازم في الخارج فقط من دون رسوخه في الذهن وإلا لما حصل انتقال الذهن هذا من جهة، ومن جهة أخرى، أن يكون التلازم واضحا بيّنا، بمعنى أن الذهن إذا تصور معنى اللفظ ينتقل إلى لازمه بدون حاجة إلى توسط شيء آخر (٥)
(٢). نظم الدرر: ٧/٢٠٨.
(٣). للمزيد ينظر: نظم الدرر: ٥/٦٥-٤٤٨، ٧/٢٦٥، ٨/٤٤-١٠٢، ٩/٢٠٦، ١٢/٢٧٩، ١٦/٣٧٤، ١٧/١٢.
(٤). ينظر: الأحكام للآمدي: ١/١٧
(٥) ينظر: المنطق: ٣٤