لا زلنا إلى اليوم لم نميز بين ما قاله النبي ﷺ تفسيراً مباشراً لآية أو سئل عن آية ففسرها هو، وبين ما يذكره علماء التفسير من الاستشهاد بالحديث النبوي أثناء تفاسيرهم لأدنى ملابسة بين الحديث والتفسير ومن هذا ما يذكره بعض المفسرين في تفاسيرهم عند قوله تعالى ( ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسداً ثم أناب ) الآية ٣٤من سورة ص. فهم يذكرون في هذا المقام ما أخرجه البخاري في كتاب الأنبياء عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال : قال سليمان عليه السلام لأطوفن الليلة على سبعين امرأة، تحمل كل امرأة فارساً يجاهد في سبيل الله، فقال له صاحبة : إن شاء الله، فلم يقل، فلم تأت امرأة منهن بولد إلا واحدة بشق غلام، فقال النبي ﷺ لو قالها : لجاهدوا في سبيل الله(١)٠). ففي تفسير الرازي وأبي السعود والألوسي وغيرهم في هذا المحل من التفاسير كلهم يذكرون هذا الحديث تفسيراً لهذه الآية مع أن الحديث لم يروه البخاري في كتاب التفسير من صحيحه، وليس هو تفسيرا للآية فالحديث في مسألة والآية في مسألة أخرى فمن أين جيء لهؤلاء الأعلام ولغيرهم أنه تفسير للآية. لا نجد تفسيراً لهذا سوى أن الحديث مروي في البخاري وهذا لا يمكن اعتماده سبباً للتفسير. وهنا ينبغي الانتباه إلى كون الحديث تفسيراً للآية أم لا. هذا نظر يحتاج إلى عناية وقد نبه على هذا الدكتور فضل عباس في كتابه القصص والدكتور الطيار في كتابه مقالات في علوم القرآن(٢)١)


الصفحة التالية
Icon