و من حكم استتفتاح بعض سور القرآن بالحروف المقطعة أيضا : الإشارة إلى أن الله يعطي الناس القدر الذي يريد أن يعرفوه من العلم قال تعالى :﴿ و َلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء ﴾ (١) أي ولا يَطَّلعُ أحد من الخلق على شيء من علمه إلا بما أعلمه الله وأطلعه عليه.
و من حكم استتفتاح بعض سور القرآن بالحروف المقطعة أيضا : الإشارة إلى أن كتاب الله ليس كمثله كتاب فأي كتاب يمكن معرفة المراد منه من كاتبه أو صاحبه أو أحد معلما للعلم الذي في الكتاب أما كتاب الله فلا يستطيع أحد معرفة المراد من كلامه إلا ببيان منه، و كذلك قراءة كتابه لابد فيها من السماع من أحد فكتاب الله غير أي كتاب فأي كتاب غير كتاب الله يمكن من يعرف لغة الكتاب قراءته.
و من حكم استتفتاح بعض سور القرآن بالحروف المقطعة أيضا : الإشارة إلى أن القرآن يؤخذ بالسماع لا بالقراءة و الكتابة ؛ لأن هذه الحروف تقرأ بطريقة معينة كما تسمع، ولا تقرأ كما تكتب.
و من حكم استتفتاح بعض سور القرآن بالحروف المقطعة أيضا : الإشارة إلى نبوة النبي ﷺ فهو أمي لا يقرأ فكيف يعرف أسماء الحروف فالأمي لا يستطيع النطق بمسميات الحروف، ولا يعرف أسماءها فكيف يفرق بين آلم و ألم تر ؟
و من حكم استتفتاح بعض سور القرآن بالحروف المقطعة أيضا : شد انتباه المستمع و جذبه حتى ينتبه لما سوف يأتي بعد ذلك فمن البلاغة استفتاح الكلام بما لم يعهده الناس كي يثير انتباههم.
و من حكم استتفتاح بعض سور القرآن بالحروف المقطعة أيضا : الإشارة إلى أن النقل مقدم على العقل فالعقل يقتضي أنه مادامت هذه الحروف كتبت متصلة تقرأ متصلة أما في النقل فرغم أن هذه الحروف تكتب متصلة إلا أنها تقرأ منفصلة.

(١) - البقرة من الآية ٢٥٥


الصفحة التالية
Icon