الظالمين} [إبراهيم: ١٢-١٣].
ويمضي في وصف عذاب الكفرة عذاباً غليظاً: ﴿مِّن وَرَآئِهِ جَهَنَّمُ ويسقى مِن مَّآءٍ صَدِيدٍ * يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الموت مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِن وَرَآئِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ﴾ [إبراهيم: ١٦-١٧].
فقال أيضاً: ﴿وَجَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بالبينات﴾، وأنا في غنى عن أن أبيّن موقف الأمم من رسلهم، وكفرهم بما أرسلوا به، وتهديدهم لهم بإخراجهم من الأرض، وعن ذكر عذاب الكافرين في الدنيا بإهلاكهم وفي الآخرة بما وصفه أفظع الوصف.
فانظر إتيانه بالفعل (جاء) وقارنه بالفعل (أتى) في آية التوبة يتضح الفرق بين استعمال الفعلين.
ومن ذلك قوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَسيرُواْ فِي الأرض فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الذين مِن قَبْلِهِمْ كانوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُواْ الأرض وَعَمَرُوهَآ أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بالبينات فَمَا كَانَ الله لِيَظْلِمَهُمْ ولاكن كانوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ * ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الذين أَسَاءُواْ السواءى أَن كَذَّبُواْ بِآيَاتِ الله وَكَانُواْ بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ﴾ [الروم: ٩-١٠].
فذكر عاقبة الذين أساؤوا، وأنها السُّوأى تأنيث الأسوأ، أي أسوأ الحالات على الإطلاق، وذكر تكذيب الأمم لرسلهم واستهزاءهم بهم، في حين لم يصرح في آية التوبة بتكذيب ولا استهزاء، ولم يذكر لهم عاقبةً ما.
ومن ذلك قوله تعالى: ﴿وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الذين مِن قَبْلِهِمْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بالبينات وبالزبر وبالكتاب المنير * ثُمَّ أَخَذْتُ الذين كَفَرُواْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾ [فاطر: ٢٥-٢٦].
فذكر تكذيب الأمم السابقة لرسلهم بعد أن جاؤوهم بكل ما يدعو إلى الإيمان من البَيِّنات والزبر والكتاب المنير، وذكرَ أخذَهُ لهم وعَلَّقَ على ذلك بقوله: ﴿فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾.


الصفحة التالية
Icon