٨- قال في النمل: ﴿نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النار وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ الله رَبِّ العالمين﴾ ولم يذكر مثل ذلك في القصص، بل ذَكَرَ جهة النداء فقط، وذلك لأن الموقف في النمل موقفُ تعظيمٍ كما أسلفنا وهذا القول تعظيم لله رب العالمين.
٩- قال في النمل: ﴿ياموسى﴾.
وقال في القصص: ﴿أَن ياموسى﴾.
فجاء بـ (أن) المفسرة في القصص، ولم يأت بها في النمل، وذلك لأكثر من سبب.
منها: أن المقام في النمل مقام تعظيم لله سبحانه، وتكريم لموسى كما ذكرنا فَشرَّفه بالنداء المباشر في حين ليس المقام كذلك في القصص، فجاء بما يفسر الكلام، أي: ناديناه بنحو هذا، أو بما هذا معناه، فهناك فرق بين قولك: (أشرت إليه أن أذهب) و (قلت له اذهب) فالأول معناه: أشرت إليه بالذهاب، بأيِّ لفظٍ أو دلالة تدل على هذا المعنى. وأما الثاني فقد قلت له هذا القول نصّاً، ومثله قوله تعالى: ﴿وَنَادَيْنَاهُ أَن ياإبراهيم * قَدْ صَدَّقْتَ الرؤيآ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي المحسنين﴾ [الصافات: ١٠٤-١٠٥]. أي: بما هذا تفسيره أو بما هذا معناه بخلاف قوله: ﴿قَالَ يانوح إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ﴾ [هود: ٤٦].
ومنها أن المقام في سورة القصص، مقام تبسّط وتفصيل فجاء بـ (أن) زيادة في التبسط.
ومنها أن ثقل التكليف في النمل يستدعي المباشرة في النداء، ذلك أن الموقف يختلف بحسب المهمة وقوة التكليف كما هو معلوم.
١٠- قال في النمل: ﴿إِنَّهُ أَنَا الله العزيز الحكيم﴾.
وقال في سورة القصص: ﴿إني أَنَا الله رَبُّ العالمين﴾.
فجاء بضمير الشأن الدال على التعظيم في آية النمل: ﴿إِنَّهُ أَنَا﴾ ولم يأت به في القصص، ثم جاء باسميه الكريمين: ﴿العزيز الحكيم﴾ في النمل زيادة في التعظيم.