لقد تردد ذكر الموت في سورة (المؤمنون) عشر مرات، في حين لم يرد ذكر الموت في سورة (الزمر) إلا مرتين، فاقتضى ذلك تأكيد الموت في سورة (المؤمنون) أكثر مما في (الزمر).
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، إنه لما أكثرَ من الكلام على الموت في (المؤمنون)، أكثرَ من تأكيده في الآية فجعله بحرفين، ولما قَلَّلَ الكلامَ عليه في (الزمر)، قلل من حروف التوكيد، فكان كلُّ تعبيرٍ مناسباً لموطنه.
أما بالنسبة إلى السؤال الثاني، فنقول: إن النظرة الأولى قد توحي بأنه كان ينبغي تأكيد البعث أكثر من تأكيد الموت، ذلك لأن الموت لا شَكَّ فيه، وأنه لا ينكره أحد، أما البعث فَمُنْكِرُوه كثير، فلماذا إذن أكَّدَ الموتَ أكثر مما أكد البعث؟ لماذا أكد الموت بإن واللام فقال: ﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلك لَمَيِّتُونَ﴾، وأكد البعث بإن وحدها، فقال: ﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ القيامة تُبْعَثُونَ﴾.
لقد أثير هذا السؤال قديماً، فقد جاء في (البحر المحيط) :"فإن قلت: الموت مقطوع به عند كل أحد، والبعث قد أنكرته طوائف، واستبعدته وإن كان مقطوعاً به من جهة الدليل لإمكانه في نفسه ومجيء السمع به، فوجب القطع به، فما بالُ جملة الموت مؤكَّدة بإن واللام ولم تؤكد جملة البعث [إلا] بإن؟ ".
إن هناك أكثر من سبب يدعو إلى هذا التعبير منها:
١- إن ما ذكره قبل هذه الآية من خلق الإنسان من الطين وإحكامه وتطويره من قطرةِ ماء إلى أنْ يصير إنساناً عاقلاً منتشراً في الأرض