ومنها: أنك إذا قلت: أحمدُ فلاناً، لا يعني أنه يستحقُّ الحمدَ فقد تُثني على شخصٍ لا يستحقُّ الثناء، وقد يهجو شخصٌ شخصاً، وهو لا يستحق الهجو، ذلك أن الشخص قد يضع المدح في غير موضعه، ويضع الهجو في غير موضعه، ويفعل أفعالاً لا ينبغي أن يفعلها، فأنتَ إذا قلت: أحمدُ الله، أخبرتَ عن فعلك، ولا يعني ذلك أنَّ مَنْ تحمده يستحقُّ الحمد في حين أنك إذا قلت: ﴿الحمد للَّهِ﴾ أفاد ذلك استحقاق الله للحمد وليس ذلك مرتبطاً بفاعلٍ معين.
ومنها: أن قولك: (أحمد الله)، أو: (نحمد الله)، مرتبطٌ بزمن معين، لأن الفِعْلَ له دلالة زمنية معينة، فالفعل المضارع يدل على الحال، أو الاستقبال، ومعنى ذلك أن الحمد لا يحدث في غير هذا الزمان الذي تحمده فيه. ولا شك أن الزمن الذي يستطيع الشخص أو الأشخاص الحمدَ فيه محدود، وهكذا كلُّ فِعْلٍ يقوم به الشخصُ محدود الزمن، فإن أقصى ما يستطيع أن يفعله، أن يكون مرتبطاً بعمره، ولا يكون قبل ذاك وبعده فِعْلٌ فيكون الحمد أقل مما ينبغي، فإنَّ حمدَ الله لا ينبغي أن ينقطع ولا يُحَدَّ بفاعل، أو بزمان في حين أن عبارة: ﴿الحمد للَّهِ﴾ مُطلقة غير مقيدة بزمن معين، ولا بفاعل معين، فالحمد فيها مستمرٌّ غير منقطع.
جاء في (تفسير الرازي) :"إنه لو قال: (أحمدُ الله)، أفاد ذلك كون ذلك القائل قادراً على حمده، أما لما قال: ﴿الحمد للَّهِ﴾ فقد أفاد ذلك، أنه كان محموداً قبلَ حمدِ الحامدين، وقبلَ شُكْرِ الشاكرين. فهؤلاء سواء حمدوا، أم لم يحمدوا وسواء شكروا أو لم يشكروا، فهو تعالى محمودٌ من الأزل إلى الأبد بحمده القديم وكلامه القديم".


الصفحة التالية
Icon