من سورتي الطور والقلم
قال تعالى في سورة الطور: ﴿فَذَكِّرْ فَمَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلاَ مَجْنُونٍ﴾.
وقال في سورة القلم: ﴿مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ﴾.
فزاد قوله: (بكاهن) على ما في سورة القلم، فما سببُ ذاك؟
والجواب: أن هناك أكثر من سببٍ دعا إلى هذه الزيادة.
١- منها أنه فصّل في سورة الطور في ذِكْرِ أقوال الكفَرة في الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد ذكروا أنه كاهن، وذكروا أنه مجنون، وذكروا أنه شاعر ﴿أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ المنون﴾، وقالوا: إنه كاذب ﴿أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لاَّ يُؤْمِنُونَ﴾.
في حين لم يذكر غير قولهم إنه مجنون في سورة القلم ﴿وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ﴾ فناسب ذكر هذه الزيادة في سورة الطور.
٢- ومنها أنه ذكر في سورة الطور قوله: ﴿أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ﴾ والاستماع مما تدّعيه الكهنةُ لتابعيهم من الجنِّ، فناسب ذلك ذكر الكهنة فيها.
٣- ومنها أنه ذكر السحر في سورة الطور فقال: ﴿أَفَسِحْرٌ هاذا أَمْ أَنتُمْ لاَ تُبْصِرُونَ﴾ فناسب ذكرُ السحر ذكرَ الكهنة.
٤- ومما حسّن ذلك أيضاً أنه توسّع في القسَم في أول سورة الطور بخلاف سورة القلم، فقد قال: ﴿والطور * وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ * فِي رَقٍّ مَّنْشُورٍ * والبيت المعمور * والسقف المرفوع * والبحر المسجور﴾.