فانظر كيف بالغ وأعظمَ في الأجر، وبالغَ وأعظمَ في المُلك، وبالغ وأعظمَ في القدرة لمن بالغ وجدّ في عمله وصدق فيه وهم المتقون.
ونريد أن نشير إلى أمر، وهو إطلاق وصف (المبالغة) على صفات الله نحو علام، وعليم، وغفور، وما إلى ذلك. فقد توهم بعضهم أنه ينبغي أن لا يطلق على صفات الله وَصْفُ المبالغة، لأنها صفات حقيقة وليست مبالغاً فيها. وقد اعترضَ عليَّ معترضٌ ذات مرة بنحو هذا. مع أنه من الواضح أن ليس المقصود كما ظن الظان أو توهم. فالمقصود أن هذا البناء يفيد كثرةَ وقوع الفعل، وليس المقصود أن الأمرَ مبالَغٌ فيه. فـ (عليم) أبلغ من (عالم) و (صبور) أبلغ من (صابر) ذلك أن الموصوف بعليم معناه أنه موصوف بكثرة العلم، وليس المقصود أن صاحبه وُصف بهذا الوصف وهو لا يستحق أن يُوصَفَ به فكان الوصف به مبالغة.
ولا نريد أن نطيل في كشف هذه الشبهة، فإنها فيما أحسب لا تستحق أكثر من هذا.


الصفحة التالية
Icon