قال في سورة القارعة: ﴿القارعة * مَا القارعة * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا القارعة﴾ فكرر ذِكْرَها وعظمها وهولها. فناسب هذا التعظيم والتهويل أن يذكر أن الجبال تكون فيه كالعِهْنِ المنفوش.
وكونُها كالعهن المنفوش أعظم وأهول من أن تكون كالعهن من غير نفشٍ كما هو ظاهر.
٣- ذكر في سورة المعارج أن العذاب (واقع) وأنه ليس له دافع ﴿سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ * لِّلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ﴾ ووقوع الثقل على الصوف. من غير دفعٍ له لا ينفشه بخلاف ما في القارعة، فإنه ذكر القرع وكرره، والقرع ينفشه وخاصة إذا تكرر، فناسب ذلك ذكر النفش فيها أيضاً.
٤- التوسع والتفصيل في ذكر القارعة حسّن ذِكْرَ الزيادةِ والتفصيل فيها، بخلاف الإجمال في سورة المعارج، فإنه لم يزد على أن يقول: ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾.
٥- إن الفواصل في السورتين تقتضي أن يكون كل تعبير في مكانه، ففي سورة القارعة، قال تعالى: ﴿يَوْمَ يَكُونُ الناس كالفراش المبثوث * وَتَكُونُ الجبال كالعهن المنفوش﴾. فناسبت كلمة (المنفوش) كلمة (المبثوث).
وفي سورة المعارج قال: ﴿يَوْمَ تَكُونُ السمآء كالمهل * وَتَكُونُ الجبال كالعهن﴾. فناسب (العهن) (المهل).
٦- ناسب ذكر العهن المنفوش أيضاً قوله في آخر السورة ﴿نَارٌ حَامِيَةٌ﴾ لأن النار الحامية هي التي تُذِيبُ الجبالَ، وتجعلها كالعهن المنفوش، وذلك من شدة الحرارة، في حين ذكر صفة النار في المعارج بقوله: ﴿كَلاَّ إِنَّهَا لظى * نَزَّاعَةً للشوى﴾ والشَّوَى هو جلد الإنسان. والحرارةُ


الصفحة التالية
Icon