آخرين. وسِرُّ هذا الاختلافِ، أنَّ ثَمَّة قراءة بإثبات القسم بيوم القيامة أي (لأقسم) إلا أنهم اتفقوا على إثبات حرف النفي مع النفس اللوامة فكلهم قرأ ﴿وَلاَ أُقْسِمُ بالنفس اللوامة﴾.
ولا نريدُ أن نطيل الكلامَ على اقتران فعل القسم بـ (لا) ودواعيه فقد تكلم فيه المفسرون والنحاة بما فيه الكفاية. والذي نريد أن نقوله ههنا: إنَّ كل أفعال القسم المُسْندةِ إلى الله في القرآن الكريم مسبوقة بـ (لا) إذ ليس في القرآن الكريم (أقسم) بل كلها (لا أقسم)، وذلك نحو قوله تعالى: ﴿فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النجوم﴾ [الواقعة: ٧٥] وقوله: ﴿فَلاَ أُقْسِمُ بالشفق﴾ [الانشقاق: ١٦] وقوله: ﴿لاَ أُقْسِمُ بهاذا البلد﴾ [البلد: ١] وما إلى ذلك. فليس القَسَمُ ههنا بِدْعاً من التعبير.
وباختصار كبير نُرجِّحُ أن هذا التعبير إنما هو "لونٌ من ألوان الأساليب في العربية تُخبر صاحبك عن أمرٍ يَجهله أو ينكره، وقد يحتاج إلى قَسَمٍ لتوكيده، لكنك تقول له: لا داعي أن أحلف لك على هذا، أو لا أريد أن أحلف لك أن الأمر على هذه الحال، ونحوه مستعملٌ في الدارجة عندنا نقول: ما أحلف لك أن الأمر كيت وكيت. أو ما أحلف لك بالله لأن الحلف بالله عظيم، إن الأمر على غيرِ ما تَظُنُّ... فأنت تخبره بالأمر، وتقول له: لا داعي للحلف بالمعظمات على هذا الأمر".
أو كما ذهبت إليه الدكتورة بنت الشاطىء، وهو أنَّ القصدَ من ذلك هو التأكيد "والتأكيد عن طريق النفي، ليس بغريبٍ عن مألوفِ استعمالنا، فأنت تقولُ لصاحبك: لا أُوصيكَ بفلان تأكيداً للوصية ومبالغةً في الاهتمام