والجواب: أنه لما جرى ذِكْرُ المكابدة في هذا البلد، وما استحل به من الحرمات وما أصاب الرسول ﷺ من المشقة والعنت والتعذيب لم يناسب ذلك ذكر الأمن.
كما لا يصح ذكر ذلك على معنى أنه حِلٌّ لرسول الله ﷺ أن يصنع فيه ما يشاء من القتل والأسر كما حدث في فتح مكة، فإن ذلك لا يناسب ذكر الأمن أيضاً.
كما أن جو السورة لا يناسب ذكر الأمن، فإن جو السورة في المكابدة والمشقة حتى أنه لم يذكر جزاء المؤمنين في الآخرة، بل ذكر جزاء الكافرين وهذا الجزاء لا يأمن معه الكافر أبد الآبدين. فلم يناسب ذلك ذكر (الأمين).
وقد تقول: ولِمَ كرر ﴿بهاذا البلد﴾ في الآيتين فقال: ﴿وَأَنتَ حِلٌّ بهاذا البلد﴾ ولم يقل: (وأنت حِلٌّ به) ؟
والجواب: أن هذا أجمل تكرير وأحسنه ولا يقع الضمير موقعه في الحسن. إذ من المعلوم أن العرب إذا عُنيت بلفظٍ كررته وذلك كأن يكون في موطن التشويق أو التحسر أو التعظيم أو التهويل وغير ذلك من مواطن العناية والاهتمام وذلك نحو قول الشاعر:

يا مُوقد النار بالهنديِّ والغارِ هيّجت لي حَزَناً يا مُوقد النارِ
فأنتَ ترى أن تكرار (يا موقد النار) من أجمل التكرار وأحسنه.
ومثل ذلك التكرارُ للتحسر نحو قوله:


الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
فيا قبرَ معنٍ أنت أول حفرة من الأرض خطّت للسماحة موضعا
ويا قبر معنٍ واريت جُودَهُ وقد كان منه البر والبحر مترعا