وصيغة (فعيل) تدل على الثبوت في الصفة، نحو: طويل وجميل وقبيح، أو التحول في الوصف إلى ما يقرب من الثبوت، نحو: خطيب وبليغ وكريم.
فجاء بالوصفين للدلالة على أن صفته الثابتة والمتجددة، هي الرحمة للاحتياط في الوصف، فإنه لو وصف نفسه بأنه (رحيم) فقط لوقع في النفس أن هذا وصفه الثابت، ولكن قد يأتي وقت لا يرحم فيه كالكريم والخطيب، ولو قال: (رحمن) فقط لظُنَّ أن هذا وصفٌ غير ثابت، كالغضبان والعطشان وهذا الوصف يتحول فيذهب الغضب ويزول العطش، وكذلك الرحمة فجمع بينهما ليدل على أن وصفه الثابت والمتجدد هو الرحمة، فرحمته دائمة لا تنقطع، وهو من أحسن الجمع بين الوصفين، ولا يؤدي الوصف بأحدهما ما يؤدي اجتماعهما.
ووقوعهما بعد كلمة (الرب) أحسن موقع، فإن هذا الرب الذي لا رَبَّ غيره، والسيد الذي لا سيد سواه رحيمٌ بعباده، فتنبسط نفوسُ العباد، ويقوى أملهم برحمته، وفيه إشارةٌ إلى أن المربي ينبغي أن يتحلى بالرحمة، وأنه لا ينبغي أن يقسو على مَنْ يربيهم ويرشدهم. كما أن فيه إشارة إلى أن الرحمة ينبغي أن تكون صفة الرب بكل ما تحتملُ من معانٍ. فالمالك ينبغي أن يكون رحيماً بما يملك وبمن يملك، والمربي ينبغي أن يكون رحيماً، والسيد ينبغي أن يكون رحيماً، والمصلح ينبغي أن يكون رحيماً، والقَيِّمُ ينبغي أن يكون رحيماً. فالرحمة ينبغي أن تكون وصف الرب بكل معانيها، وقد وصف الله رسوله، وهو المربي الأعظم والمصلح الأعظم بالرحمة فقال: ﴿لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بالمؤمنين رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ [التوبة: ١٢٨].
﴿مالك يَوْمِ الدين﴾.