ظاهراً وباطناً، وجعل إضافة (يوم) للدين في الثاني، لِمَا بينهما من الملابسة باعتبار الجزاء لم يحتج إلى تقدير".
وهناك أمر آخر وهو أن (يوم الدين) أنسبُ لقوله: (رب العالمين) لشمول العالمين على المكلفين ولا بد، وأنسبُ لأصناف المكلفين التي ذكرتهم السورة من مُنْعَمٍ عليهم، ومَغْضوب عليهم وضالين، لأن من معنى (الدين) الجزاء والحساب والطاعة والقهر، وهذه كلها إنما تكون لهؤلاء فهو أنسب من يوم القيامة الذي لا يُفْهَمُ من معناه اللغوي ما يفهم من يوم الدين ولشموله على أشياء لا تتعلق بالجزاء.
فيومُ الدين أنسب من يوم القيامة من كل ناحية.
وقد تقول: ولِمَ أضاف الملك إلى اليوم، واليوم لا يملك وإنما يُملك ما فيه؟
والجواب: أن ذلك لقصد العموم، فملك اليوم هو ملكٌ لما فيه ومن فيه. فمالكه مالك لما اشتمل عليه من أمور مادية ومعنوية، فملكية اليوم هي ملكية لكل ما يجري ويحدث في ذلك اليوم ولكل ما في ذلك اليوم، ولكل مَنْ في ذلك اليَوْم، فهي إضافة عامة شاملة لا تقوم مقامها إضافة، ونظيره في كلام الناس: (خليفة العصر والزمان).
جاء في (روح المعاني) :"وتخصيصُ (اليوم) بالإضافة مع أنه تعالى مالكُ وملكُ جميع الأشياء في كل الأوقات، إما للتعظيم وإما لأن المُلك والمِلك الحاصلين في الدنيا لبعض الناس، بحسب الظاهر، يزولان، وينسلخ الخلق عنها انسلاخاً ظاهراً في الآخرة: {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ القيامة