ومنها: أن العبادة حقُّ الله وقسمه والاستعانةُ قسمُ العبد، وحقُّ الله أولى بالتقديم.
ومنها: أنَّ العبادة أكثرُ مناسبةً للجزاء أعني قوله: ﴿مالك يَوْمِ الدين﴾ والاستعانة أنسب لطلب الهداية، فوضعَ كلَّ تعبير مع ما يناسبه.
جاء في (روح المعاني) :"إنها - أي العبادة - أشد مناسبة بذكر الجزاء، والاستعانة أقوى التئاماً بطلب الهداية".
ومنها: أن " ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ متعلقٌ بألوهيته واسمه (الله). و ﴿وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ متعلق بربويته واسمه الرب، فقدم ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ على ﴿وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ كما تقدم اسم الله على الرب في أول السورة".
ومنها: أن ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ هو قسم الله "فكان مع الشطر الذي هو ثناء على الله تعالى لكونه أولى به. و ﴿وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ قسم العبد فكان مع الشطر الذي له وهو ﴿اهدنا الصراط المستقيم﴾ إلى آخر السورة".
وهذا التعبير هو نظير قوله تعالى: ﴿فاعبده وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ﴾ [هود: ١٢٣]. فقدم العبادة على التوكل.
هذا علاوة على أن في تأخير فعل الاستعانة توافقاً مع خواتيم الآي في السورة. فاقتضى تقديم العبادة من كل وجه.
فإن قلت: كان قياس الكلام أن يقول: (إياه نعبد وإياه نستعين) فَلِمَ قال: (إياك نعبد... ) بالخطاب؟