وقيل: إن الفرق بين التعدية بالحرف والتعدية من دون حرف أن التعديةَ بالحرف تقال إذا لم يكن فيه ذلك فيصل بالهداية إليه، وإن التعدية من دون حرف تقال لمن يكون فيه ولمن لا يكون فيه، فتقول: هَدَيتهُ إلى الطريق وهديته للطريق لمن لا يكون في الطريق فتوصله إليه، وتقول: (هديته الطريق) لمن كان فيه فَتُبصِّرهُ به وتُبَيِّنهُ له، وتقوله أيضاً لمن لا يكون فيه فتوصله إليه.
قال تعالى على لسان إبراهيم، عليه السلام، قائلاً لأبيه: ﴿فاتبعني أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً﴾ [مريم: ٤٣]. وأبوه ليس في الصراط، بل هو بعيد عنه. وقال تعالى في المنافقين: ﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقتلوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخرجوا مِن دِيَارِكُمْ مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً * وَإِذاً لأتيناهم مِّن لَّدُنَّآ أَجْراً عَظِيماً * وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً﴾ [النساء: ٦٦-٦٨]. والمنافقون ليسوا على الصراط.
وقال على لسان رسل الله: ﴿وَمَا لَنَآ أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى الله وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا﴾ [إبراهيم: ١٢]. وهم في الصراط. وقال مخاطباً رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم: ﴿وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً﴾ [الفتح: ٢]. وهو سالك للصراط.
فتعديةُ الفعل بنفسه تقال لمن كان فيه أي في الصراط ولمن لم يكن فيه.
أما التعدية باللام وإلى فتكون لمن لم يكن فيه، وذلك نحو قوله تعالى على لسان الخصمين اللذين جاءا داود، عليه السلام، ليحكم بينهما: ﴿فاحكم بَيْنَنَا بالحق وَلاَ تُشْطِطْ واهدنآ إلى سَوَآءِ الصراط﴾ [ص: ٢٢]. وقوله: ﴿قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يهدي إِلَى الحق﴾ [يونس: ٣٥]. أي: يوصل إليه.