فيكون معنى ﴿١٦٤٩; هْدِنَا الصراط المستقيم﴾ عرِّفنا الطريقَ الحق وردّنا إليه ردّاً جميلاً إذا ما ضللنا أو انحرفنا، وثَبِّتنا على الهدى وزِدْنا هدى.
جاء في (البحر المحيط) : ومضمون هذه الجملة طلب استمرار الهداية إلى طريق مَنْ أنعم الله عليهم، لأن مَن صَدَر منه حمد الله وأخبر بأنه يعبده ويستعينه، فقد حصلت له الهداية، لكن يسأل دوامها واستمرارها".
وجاء في (روح المعاني) :"وللمحققين في معنى (اهدنا) وجوه...
أحدها: أن معناه ثَبِّتنا على الدين كيلا تزلزلنا الشُّبَه وفي القرآن ﴿رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا﴾ [آل عمران: ٨]. وفي الحديث: "اللهم يا مُقلِّبَ القلوبِ ثَبِّتْ قلوبنا دينك"
وثانيها: أعطنا زيادة الهدى، كما قال تعالى: ﴿والذين اهتدوا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ﴾ [محمد: ١٧].
وثالثها: أن الهداية الثواب، كقوله تعالى: ﴿يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ﴾ [يونس: ٩].
ورابعها: أن المراد دُلَّنا على الحق في مستقبل عمرنا، كما دَلَلْتنا عليه في ماضيه".
وقد تقول: ولِمَ لَمْ يقدم المفعول مع الهداية كما فعل مع العبادة والاستعانة؟ لِمَ لم يقل: (إيَّانا اهدِ) كما قال: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ ؟
والجواب: أنه لا يصح التقديم لأنه لا يصلح طلب التخصيص بالهداية دون سائر الناس فلا يصح أن تقول: (اللهم اهدني ولا تهدِ أحداً سواي)