غيره، فإنه ليس بين النقطتين أكثر من مستقيم واحد. فالصراط المستقيم هو طريق الإسلام وهو دين الله، ووصفه بالاستقامة ليدلّ على أنه أقصر الطرق وأقربها إلى المطلوب فلا يشق على السالك، وما عداه من الطرق معوجٌّ، ولا يوصل إلى المقصود فإنه لا يوصل أكثر من مستقيم واحد بين نقطتين.
إن المراد من السلوك على الصراط، هو الوصول إلى الله تعالى كما قال: ﴿إِنَّ هاذه تَذْكِرَةٌ فَمَن شَآءَ اتخذ إلى رَبِّهِ سَبِيلاً﴾ [الإنسان: ٢٩]. وربنا على صراط مستقيم والذي يوصل إليه صراط مستقيم كما قال: ﴿إِنَّ رَبِّي على صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ [هود: ٥٦]. وقال: ﴿قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ﴾ [الحجر: ٤١]. فتعين السلوك على هذا الصراط للوصول إليه. والوصول إليه معناه الوصول إلى رضاه، وإلاّ فكلنا مردودون إليه وملاقوه.
جاء في (تفسير الرازي) :"اعلم أن أهل الهندسة قالوا: الخط المستقيم هو أقصر خط يصل بين نقطتين. فالحاصل أن الخط المستقيم أقصر من جميع الخطوط المعوجّة، فكان العبد يقول: ﴿اهدنا الصراط المستقيم﴾ لوجوه:
الأول: أنه أقرب الخطوط وأقصرها، وأنا عاجز فلا يليق بضعفي إلا الطريق المستقيم.
الثاني: أن المستقيم واحد وما عداه معوجة، وبعضها يشبه بعضاً في الاعوجاج، فَيَشْتَبِهُ الطريقُ عليَّ. أما المستقيم فلا يشابهه غيره، فكان أبعد عن الخوف والآفات وأقرب إلى الأمان.
الثالث: الطريق المستقيم يوصل إلى المقصود، والمعوج لا يوصل إليه.
الرابع: المستقيم لا يتغير، والمعوج يتغير".