إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الغيوب * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَآ أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعبدوا الله رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ على كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ العزيز الحكيم}.
فنسب إلى عيسى أنه طلب من الناس أن يتخذوه وأمه إلهين من دون الله. وأظنُّ أن هذا المقام يمنع عيسى من طلب المغفرة، أو تَرجِّيها لهؤلاء الذين جعلوا الله دون منزلة عيسى وأمه.
لقد ردّ علماؤنا الأوائل على مَنْ ظن أن المناسب ختم الآية بالمغفرة والرحمة بردودٍ عدة منها:
١- أنه لو ختم الآية بالمغفرة والرحمة لضعف المعنى، لأن هذا ينفرد بالشرط الثاني، ولا يكون له تَعلُّقٌ بالشرط الأول، في حين أن ختمه بالعزة والحكمة متعلق بالشرطين، فإن تعذيبه ومغفرته مَنُوطان بعزته وحكمته "فكان العزيز الحكيم أليق بهذا المكان، لعمومه وأنه يجمع الشرطين، ولم يصلح (الغفور الرحيم) أن يحتمله ما احتمله العزيز الحكيم".
وجاء في (روح المعاني) :"وادعى بعضهم أنهما متعلقان بالشرطين لا بالثاني فقط، وحينئذ وجه مناسبتهما لا سترة عليه، فإنَّ مَنْ له الفعل والترك عزيز حكيم".
ومعنى ذلك، أن اختيار العزيز الحكيم متعلقٌ بالثواب والعقاب جميعاً، وليس بحال واحدة.


الصفحة التالية
Icon