العبد على الله دون غيره، لأن غيره لا يملك ضراً ولا نفعاً فيتوكل عليه".
وكذلك ذكر في سورة الحجر فقد قال: ﴿إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ﴾ بتقديم (منكم) على (وجلون) مما يفيد أنهم هم سبب الخوف. وهذا التقديم يفيد القصر كما في آية الذاريات. فكلتا الآيتين أفادت الدلالة على أن الخوف كان من الضيف وحدهم، لا من غيرهم بدلالة تقديم الجار والمجرور على مُتعلّقه. غير أنه أخرج ذلك على سبيل المواجهة المؤكدة في آيات الحجر، وعلى سبيل الغيبة غير المؤكدة في آيات الذاريات. فكانت نهاية الآية في الحجر متناسقة مع الموسيقى، ومع المعنى في آن واحد.
٩- اعترض في سورة الحجر على تبشيرهم له بالغلام واستنكر ذلك قائلاً: ﴿أَبَشَّرْتُمُونِي على أَن مَّسَّنِيَ الكبر فَبِمَ تُبَشِّرُونَ﴾ فكأنه غير مستوثقٍ من أنهم رُسُلُ ربه. ويبدو أن الذي أدخلته عليه هيئتهم من الوجل والخوف زرع الشك فيهم، وعدم الثقة بأقوالهم وأفعالهم. وكما أظهر لهم عدم ارتياحه من دخولهم بيته، أظهر الاستخفافَ بالبشرى والاستنكار لأقوالهم.
ولم يعترض أو يستنكر في سورة الذاريات، لأن مقام الإكرام غير مناسبٍ للاعتراض والاستنكار والاستخفاف بما يقولون. وكل تعبير مناسب للسياق الذي ورد فيه كما هو ظاهر.
١٠- ذكر في آيات الذاريات أن امرأة سيدنا إبراهيم عندما سمعت بالبشرى، أقبلت في جَلَبةٍ وصكّت وجهها متعجبة مما أخبروه به.


الصفحة التالية
Icon