ثم انظر بعد ذلك قوله تعالى في القصة: ﴿سَآتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ﴾ ومناسبته لقوله تعالى في آخر السورة: ﴿الحمد للَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا﴾، وانظر مناسبة ﴿سَآتِيكُمْ﴾ لـ ﴿سَيُرِيكُمْ﴾.
وبعد كل ذلك، انظر كيف تم وضع كل تعبير في موطنه اللائق به.
٤- كرر فعل الإتيان في النمل، فقال: ﴿سَآتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ﴾، ولم يكرره في القصص، بل قال: ﴿لعلي آتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ﴾ فأكد الإتيان في سورة النمل لقوة يقينه وثقته بنفسه، والتوكيد يدل على القوة، في حين لم يكرر فعل الإتيان في القصص مناسبة لجو الخوف.
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى إن فعل (الإتيان) تكرر في النمل اثنتي عشرة مرة.
وتكرر في القصص ست مرات فناسب تكرار ﴿آتِيكُمْ﴾ في النمل من كل وجه.
٥- وقال في سورة النمل: ﴿أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ﴾.
وقال في القصص: ﴿لعلي آتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِّنَ النار لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ﴾.
فذكر في سورة النمل أنه يأتيهم بشهاب قبس، والشهاب: هو شعلة من النار ساطعة.
ومعنى (القَبَس) شعلة نار تقتبس من معظم النار، كالمقباس يقال: قبس يقبس منه ناراً، أي: أخذ منه ناراً، وقبس العلمَ استفادَه.