ومن خلال العرض لظاهرة التشديد والتخفيف تبين أن قراءة حفص قد جمعت بين اللغتين، وإن كان استعمالها للتخفيف أكثر، فهذا يؤكد ما أشار إليه الباحث في الفصل السابق إبان هذه الظاهرة في الأفعال؛ حيث انتهى إلى أن لغة الحجاز ـ أو قراءة حفص ـ قد آثرت الجمع بين اللغتين، وإن كان إيثارها للتخفيف أوضح وأبين؛ إذ لمس الباحث عدة مظاهر للتخفيف، ولا غرابة في ذلك؛ لأن القبائل الحجازية قبائل متحضرة تميل كثيرا للتخفيف.
ومن خلال العرض لظاهرة (التذكير والتأنيث) تبين أن قراءة حفص قد جاءت على اللغة الفصحى، لم يكن بها أدنى شذوذ لغوى، حيث جاءت موافقة تماما لقواعد النجاة الخاصة بهذه الظاهرة، إذ ذكّرت الكلمات المؤنثة لفظا التي فصل بينها وبين أفعالها فاصل، وأنّثت الكلمات التي لم يفصل بينها وبين أفعالها فاصل. ولعل خلو القراءة من الشذوذ النحوي إزاء هذه الظاهرة مما ساعد على نشرها وشيوعها في أقطار العالم الإسلامي.
ومن خلال العرض لظاهرة (الإفراد والجمع) تبين أن قراءة حفص قد جمعت بينهما، وهذا يرجع إلى أن تلك الكلمات التي تنوعت قراءتها ما بين الإفراد والجمع قد احتملها الرسم العثماني؛ لأن شكلها واحد، ولعل هذا ما جعل الباحث أن يرجع الخلاف بينهما إلى خلاف مقطعي، وفي ضوء تحليل هذه الظاهرة باستخدام المقاطع الصوتية نوّه الباحث إلى ضرورة دراسة الصرف العربي باستخدام نظام المقاطع بجانب النظام التقليدي؛ حيث يسهل استخدامه في دراسة الاسم والفعل والحرف، في حين أن النظام القديم يصعب تطبيقه على الحروف، ولعل دراسة د. عبد الصبور شاهين (المنهج الصوتي للبنية العربية رؤية جديدة للصرف العربي) بادرة طيبة لتطبيق هذا النظام الحديث.
ومن خلال ظاهرة (الممنوع من الصرف) والنماذج القليلة التي عرض لها الباحث تبين أن قراءة حفص قد جاءت على اللغة الفصحى موافقة لقواعد النحاة في هذه الظاهرة؛ حيث إنها لم تصرف اسما فيه علة تمنعه من الصرف.