لقد جمعت قراءة حفص بين صيغتي المجرد والمزيد في كثير من الأفعال، ولا شك أن لذلك أثرا على التركيب، و يتضح لنا ذلك من خلال عرض عدة نماذج من كلتا الصيغتين.
١ـ الصيغ المجردة :
ـ يكذبون : في قوله تعالى (ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون) البقرة ١٠، حيث قرئ بتخفيف الذال وتشديدها، والتخفيف قراءة حفص(١)، ودلالتها يكذبون عليك بأنك ساحر ومجنون، وهو غير متعد، أما الثانية فمن التكذيب، والقراءتان متقاربتان؛ لأن من كذّب (بالتشديد) النبي فقد كذب(٢).
ـ كذبوا : في (وظنوا أنهم قد كذبوا) يوسف ١١٠، قرئ بتخفيف الذال وتشديدها، والتخفيف قراءة حفص(٣)، ودلالتها أن الظن للكفرة بمعنى الشك، وتقديره: وظن الكفرة أن الرسل قد كذبوا فيما وعدوا به من النصر.
ـ نزل : في قوله تعالى: (نزل به الروح الأمين) الشعراء ١٩٣، (وما نزل من الحق) الحديد ١٦، حيث قرئ بالتخفيف والتشديد، والتخفيف قراءة حفص(٤)، ودلالتها أن الفاعل في الأولى (الروح) وفي الثانية مقدر يعود على الكتاب، والقراءة الأخرى فتجعل الفاعل مفعولا.
٢ـ الصيغ المزيدة :
ـ ليضلون : الأنعام ١١٩، قرئ بضم الياء وبفتحها، والضم قراءة حفص(٥)، ودلالته أن الفعل مضارع (أضل) وهو مزيد متعد يفيد أن الضلال واقع منهم على غيرهم، أما الفتح فمن (ضلّ)، ودلالته أنهم ضلوا ولم يُضِلوا غيرهم(٦).

(١) السبعة ١٤٣ وإعراب القراءات السبع ١/٦٥ والنشر ٢/٢٠٧ والإتحاف ١/٣٧٨
(٢) حجة ابن خالويه ٦٨ وجامع البيان ١/٢٨٤ والكشف ١/٢٢٧ والجامع ١/١٧٢ والبحر ١/٦٠ وإبراز المعاني ٣٢٠ والكنز ٢٥٨
(٣) السبعة ٣٥١ وحجة ابن خالويه ١٩٩ والعنوان ١١١، والنشر ٣/٢٩٦، والإتحاف ٢/١٥٦
(٤) السبعة ٤٧٣، ٦٢٦ العنوان ١٤٣، ١٨٦ النشر ٢/٣٣٦، ٣٨٤ الإتحاف ٢/٣٢٠، ٥٢٢
(٥) السبعة ٢٦٧، وإعراب القراءات ١/١٦٨، والإتحاف ٢/١٦٩
(٦) انظر : حجة ابن خالويه ١٤٨، والكشف ١/٤٤٩، والجامع ٣/٢٥٠٩


الصفحة التالية
Icon