والحق أن الباحث لا يستطيع أن يبدي رأيه إلا في ختام البحث، حيث يتبين له الخيط الأبيض من الأمر، وذلك من خلال تحليل الكلمات التي يقف بصددها بالدرس والتحليل، غير أنه يشير هنا إلى ما أورده ابن فارس في وسم لغة قريش بأنها أفصح اللغات، حيث يقول: "وكانت قريش مع فصاحتها وحسن لغاتها ورقة ألسنتها إذا أتتهم الوفود من العرب تخيروا من كلامهم وأشعارهم أحسن لغاتهم وأصفى كلامهم فصاروا بذلك أفصح العرب"(١).
من خلال هذا النص يرى الباحث أن قريشا من حيث لهجتها الخاصة لم تكن أفصح العرب، وإن ما جعلها (أفصح العرب) أنها كانت مركز الجزيرة بها البيت الحرام يأوي إليه الناس من مختلف القبائل العربية؛ فكانت قريش تنتقي من كلامهم أحسنه وأفصحه؛ فاجتمع لها الأفصح، ولعل من خصائصها اللهجية التي تبعدها عن الفصحى تخفيف الهمز، إذ اللغة الفصحى تحقيق الهمز، وقد اكتسبت قريش هذه الخاصية من القبائل الأخرى كقبيلة (تميم) التي تتسم بهذه السمة.
ولعل ثمة رأيا يؤكد فيه صاحبه رأي الباحث، إذ يقول: "والذي أميل إليه أن قريشا كانت مثل غيرها من قبائل العرب تستخدم اللغة الفصحى، ولها لهجة خاصة بها، فيها ظواهر تفردوا بها عن غيرهم"(٢).
(٢) انظر: المستوي اللغوي للفصحي ٥٥