في هذا المبحث يعرض الباحث لعدة نماذج من الكلمات التي قرئت بالنصب والرفع، والنصب قراءة حفص، وعامل النصب فيها مقدر، ويكاد يكون في كل النماذج (فعلا)، والمنصوب مفعول، والنصب هنا له أثر على التركيب، فبينما دلالة الرفع أن الجملة اسمية (مبتدأ وخبر) تفيد دلالة النصب أن الجملة فعلية (فعل وفاعل ومفعول) محذوف فعلها وفاعلها، والفتح أخف من الضم، ولعله أحد مظاهر الخفة التي اتسمت بها لغة الحجاز، والتي تعد قراءة حفص نموذجا لغويا راقيا لها في رأيي. ولعل في تحليل النماذج الآتية تبيانا أوضح لما نريد أن نثبته:
ـ وصية : في (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج)(١)البقرة ٢٤٠ والنصب هنا على المصدر، أي فليوصوا وصية، والاختيار في المصادر إذا وقعت مواقع الأمر النصب، مثل (فضرب الرقاب) ومنه قول الشاعر(٢):
شكا إلى جملي طول السرى صبرا جميلا فكلانا مبتلي
معذرة : في (وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة إلى ربكم)(٣)الأعراف ١٦٤، والنصب على المصدر، قال سيويه: والنصب أكثر وأجود(٤).
ـ متاع : في (يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا ثم إلينا مرجعكم) يونس ٢٣(٥)قال ابن خالويه: النصب على الحال(٦)، وقال مكي: النصب على أنه مفعول له؛ أي بغيكم على أنفسكم من أجل متاع الحياة الدنيا، أي يبغي بعضكم على بعض لأجل متاع الحياة الدنيا، ويجوز أن يكون النصب على المصدر(٧)، والباحث يرجح النصب على أنه مفعول لأجله.

(١) السبعة ١٨٤، والنشر ٢/٢٢٨
(٢) حجة ابن خالويه ٩٨ وجامع البيان ٥/١٠٣٥ والمهذب ١/٩٦ والشاهد من الرجز
(٣) حجة ابن خالويه ١٦٦، والكشف ١/٤٨١
(٤) الكتاب ١/٣٢٠
(٥) إعراب القراءات السبع ١/٢٦٦، والإتحاف ٢/١٠٧
(٦) حجة ابن خالويه ١٨١
(٧) الكشف ١/٥١٦


الصفحة التالية
Icon