والقراءات سنة متبعة، لا فضْل لإحداها على الأخرى، ومن ثم نختلف مع هؤلاء العلماء، وكان ينبغي لهم ألا ينهجوا هذا النهج، بل كان عليهم أن ينهجوا نهجا آخر، كما فعل ثعلب، إذ يقول: "إذا اختلف الإعربان في القراءات لم أفضل إعرابا على إعراب، فإذا ما خرجت إلى كلام الناس فضلت الأقوى"(١).
وعلى شاكلة ثعلب كان النحاس، حيث يقول: "السلامة عند أهل الدين أنه إذا صحت القراءتان ألا يقال: إحداهما أجود؛ لأنهما جميعا عن رسول الله - ﷺ - فيأثم من قال ذلك"(٢).
ثانيا : شيوخ عاصم(٣):
ـ أبو عبد الرحمن عبد الله السلمي أرسله عثمان إلى أهل الكوفة يقرئهم القرآن على مصحف عثمان، فصار مقرئ الكوفة، أخذ القراءة عرضا عن عثمان بن عفان وعلى بن أبي طالب وأُبيّ بن كعب وزيد بن ثابت، ولد في حياة النبي - ﷺ - وتوفي سنة ٧٤ هـ
ـ زر بن حبيش(٤): هو كوفي أسدي، أخذ القراءة عرضا عن عثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود، توفي سنة ٨٢ من الهجرة. ولا ريب أن كل الشيوخ قد قرأوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويقف الباحث تجاه هذه الترجمة لشيوخ عاصم وقفتين:
إحداهما: أن أبا عبد الرحمن السلمي من قبيلة بني سليم، وهي قبيلة من قبائل غرب الجزيرة، وكل الشيوخ الذين قرأ عليهم حجازيون، وهذا يفيد أن السمات اللغوية التي تتسم بها هذه القراءة سمات حجازية، وبالتالي فالظواهر اللغوية التي في قراءة حفص عن عاصم ظواهر شائعة في اللغة الحجازية.

(١) انظر: البرهان في علوم القرآن ١/٣٤٢
(٢) انظر: الإتقان في علوم القرآن ١/٨٣
(٣) انظر: القراءات وأثرها في علوم العربية ١/٦٤
(٤) انظر: ولد في حياة النبي - ﷺ - وتوفي سنة ٧٤ هـ.


الصفحة التالية
Icon