وفي التحليل قيل بأنهما لغتان بمعني واحد(١)مثل: (يعرشون ويعكفون)، ولعل الضم لغة الحجاز والكسر لغة تميم؛ لأن الضم قراءة أهل الحرمين، والكسر قراءة أبي عمرو، غير أن كون الكسر قراءة حفص يفيدنا أن القبائل الحجازية قد استعملت هذه اللغة، الأمر الذي يجعل الباحث يرجح أن الضم يعد اللغة الأولي في كل القبائل غربا وشرقا ثم لجأت القبائل إلى الكسر تخفيفا؛ ومن ثم فالكسر لغة ثانية، وهو مظهر من مظاهر التطور اللغوي نحو التخفيف، ولم يقتصر هذا المظهر اللغوي على قبائل دون أخرى، وإنما شاع وانتشر في كل القبائل حتى أصبح يضارع في الفصاحة اللغة الأولي؛ مما دفع العلماء إلى القول بأن الضم والكسر لغتان فصيحتان(٢).
٢ـ ضما :
من الأفعال التي تنوعت قراءتها ما بين ضم العين وكسرها، وجاءت في قراءة حفص بالضم :
ـ انشزوا: في قوله تعالي: (إذا قيل انشزوا فانشزوا)(٣)المجادلة ١١، والضم والكسر لغتان(٤)، وذكر نسب العلماء أن الضم لغة الحجاز(٥)، ويرجح الباحث أن الكسر لغة تميم؛ لأنه قراءة الكوفيين ما عدا حفصا، وكون الكسر لغة تميم والضم لغة الحجاز يضعف القانون الذي نسب الكسر للحضر والضم للبدو، الأمر الذي يدفع الباحث إلى القول بأن اللغات شأنها شأن العلوم الإنسانية التي لا تخضع لقانون تلتزم به.
(٢) انظر : لسان العرب ١٣/٤٥٠، مادة (ع ت ل)
(٣) انظر : السبعة٦٢٩ وإعراب القراءات ٢/٣٥٦ والعنوان ١٨٧ والنشر ٢/٣٨٥ والإتحاف ٢/٥٢٧
(٤) حجة ابن خالويه ٣٤٤، والكشف ٢/٣١٥، والجامع ٨/٦٤٦٩.
(٥) انظر : تاج العروس مادة (ن ش ز)