ويقدم د. الجندي تفسيرا مقبولا لميل قبائل شرق الجزيرة وفي مقدمتها تميم إلى الشدة في الكلام نوجزه في أن البدو يعيشون في الصحاري الواسعة المترامية إلى حد فناء الصوت، فلا يكاد يُسمع، فحرص البدوي على توضيح أصواته حتى يُسمع، ولجأ إلى تحقيق ذلك بطُرُق شتي منها الجهر والتفخيم والشدة(١)، ويضيف الباحث الهمز؛ فهو سمة من سمات الشدة التى اتسمت بها قبائل شرق الجزيرة تأييدا لهذا الرأي.
ويري د. الجندي أن التشديد مظهر من مظاهر التطور اللغوي؛ إذ يمثل عملية ترميم في جسم العربية(٢)، والباحث ليس على وفاق وهذا الرأي؛ حيث يري أن التشديد سمة من السمات التي كانت عليها العربية في مراحلها المتقدمة، داومت بعض القبائل على استعماله، وأخرى عدلت عنه ميلاً نحو التخفيف، وربما كان معظم تلك القبائل من تلك التي غدت على درجة من الرقي والتحضر؛ ليتواءم ذلك ورقيهم وتحضرهم، والقبائل المتحضرة تلك متثلة في القبائل الحجازية.
وقد احتفظت لنا قراءة حفص بنماذج كثيرة من المستويين اللغويين، نقتبس بعضا منها للدرس والتحليل :
أولا : التشديد :
نلمس هذا المظهر في إيثار صيغة "فعل" بتضعيف العين، ومما جاء على هذه الصورة في قراءة حفص :
ـ ينزل : البقرة ٩٠، وبابه إذا كان فعلا مضارعا أوله تاء أو ياء أو نون مضمومة. حيث قرئ بالتشديد من "نزل" بتضعيف الزاى، وبالتخفيف من "أنزل"، وبالتشديد قراءة حفص(٣). وذكر اللغويون أن دلالة التشديد التكرار والمداومة شيئا بعد شي(٤).

(١) اللهجات العربية في التراث ٦٥٧.
(٢) المرجع السابق ٦٥٧.
(٣) السبعة ١٦٤. والعنوان ٧٠. والنشر ٢/٢١٨. والإتحاف ١/٤٠٧.
(٤) حجة أبي على ٢/١٢٤ وحجة ابن خالويه ٨٥ والكشف ١/٢٥٣ وإبراز المعاني ١٢٤


الصفحة التالية
Icon