ـ يفصل : الممتحنة٣، قرئ بإسكان الفاء وتخفيف الصاد، وبفتح الفاء وتشديد الصاد، والأولى قراءة حفص(١). وليس بينهما اختلاف دلالي سوى أن التشديد للتكرار. وعلى شاكلة ما سبق: (يذكر)(٢)مريم٦٧، و(فتحت)(٣)الزمر٧١ و١٩
لمس الباحث من خلال نماذج القراءات السابقة أن التخفيف سمة من سمات لغة الحجاز؛ حيث قرأها حفص جميعا بالتخفيف، وكذلك أهل الحرمين عدا (تلقف وفتحت)، ولعل هذا الأمر يؤكد أن التشديد مرحلة سابقة لمرحلة التخفيف، استعملته كل قبائل العرب شرقا وغربا خصوصا في مرحلة بداوتهم، ومع التطور والرقي لجأت بعض القبائل ـ لاسيما الحجاز ـ إلى التخفيف وقد حفظت لنا قراءة حفص نماذج تمثل المرحلتين.
٣ـ تخفيف بالإدغام(٤):
الإدغام لغة الإدخال، واصطلاحا رفع اللسان بالحرفين رفعة واحدة والوضع بهما موضعا واحدا إذا التقى المثلان في كلمة؛ الأول منهما ساكن(٥). هذا هو حد الإدغام عند المتقدمين، لا يكادون يختلفون. ويطلق ابن جنى على الإدغام (ظاهرة التقريب)، إذ يقول: "وقد ثبت أن الإدغام المألوف المعتاد؛ إنما هو تقريب صوت من صوت"(٦).

(١) السبعة ٦٣٣، والعنوان ١٨٩، والنشر ٢/٣٨٧، والإتحاف ٢/٤٣٢
(٢) السبعة ٤١٠، والعنوان ١٢٧، والنشر ٢/٣١٨، والإتحاف ٢/٢٣٨
(٣) السبعة ٥٦٣ والعنوان ١٦٦ والكشف ٢/٢٤١ والنشر ٢/٣٦٤ والإتحاف ٢/٤٣٢
(٤) الإدغام سمة من سمات التخفيف التي اتسمت بها العربية عبر مراحل تطورها.
(٥) التعريفات ٣٢ والارتشاف ١/١٦٣ وقد لحظ السخاوي ملحظا دقيقا في هذا التعريف في كلمة (اللسان)؛ إذ رفض هذه الكلمة، واستبدلها بكلمة العضو، يقول: "وإنما قلت: العضو، ولم أقل: اللسان؛ لأنه مثل: ثوب بكر، لا يقال: ارتفع اللسان عنهما ارتفاعه واحدة" جمال القراء ٢/٤٨٥ والسخاوى بارع في ملحظه هذا ؛ لأن مخرج الباء شفوي، فلا دخل للسان فيه.
(٦) الخصائص ٢/١٣٩.


الصفحة التالية
Icon