قال: الأصل: لله إنك كريمٌ عليَّ، فَحَذََفَ حرف الجر وحرف التعريف والألفَ التي قبل الهاء من الجلالة، وسَكَّن الهاءَ إجراءً للوصل مُجْرى الوقف، فصار اللفظ: لَهْ، ثم أَلقى همزة "إنَّ" علىلهاء فبقي: لَهْنَّك كما ترى، وهذا سماجَةٌ من قائلِه. وفي البيت قولان أيسرُ من هذا.
ومنهمَ مَنْ قال: "هو مشتقٌّ من لاخه يَلُوه لِياهاً. أي احتجَبَ، فالألف على هذين القولين أصليةٌ، فحينئذ أصلُ الكلمة لاَهَ، ثم دخل عليه حرفُ التعريف فصار اللاه، ثم أُدْغِمت لام التعريف في اللام بعدها لاجتماعِ شروطِ الإدغام، وفُخِّمت لامُه. ووزنُه على القولين المتقدِّمين إمَّا: فَعَل أو فَعِل بفتح العين أو كسرها، وعلى كل تقدير: فتحرَّك حرفُ العلة وانفتحَ ما قبلَه فقُلِب ألفاً، وكان الأصلَ: لَيَهاً أو لَيِهاً أو لَوَهاً أو لَوِهاً.
ومنهم مَنْ جَعَلَه مشتقاً من أَلَه، وأَلَه لفظٌ مشترك بين معانٍ وهي: العبادةُ والسكون والتحيُّر والفزع، فمعنى "غله" أنَّ خَلْقَه يعبدونه ويسكنون إيله ويتحيَّرون فيه ويفزعون إليه. ومنه قولُ رؤبة"
٢٥- للهِ دَرُّ الغانِياتِ المُدَّهِ * سَبَّحْنَ واسْتَرْجَعْنَ مِنْ تألُّهي
أي: من عبادتِه، ومنه "ويذرُك وإلاَهَتَك" أي عبادتك. وإلى معنى التحيُّر أشار أمير المؤمنين بقوله: "كَلَّ دون صِفاته تحبيرُ الصفات وضَلَّ هناك تصاريفُ اللغات" وذلك أن العبد إذا تفكَّر في صفاته تحيَّر، ولهذا/ رُوي: "تفكروا في آلاء الله، ولا تتفكروا في الله" وعلى هذا فالهمزةُ أصلية والألفُ قبل الهاء زائدةٌ، فأصلُ الجلالة الكريمة: الإله، كقولِ الشاعر:
٢٦- معاذَ الإله أن تكونَ كظبيةٍ * ولا دُمْيَةٍ ولا عَقِيْلَةٍ رَبْرَبٍ
ثم حُذِفت الهمزةُ لكثرةِ الاستعمال كما حُذفت في ناس، والأصل أُناس كقوله:
٢٧- إنَّ المَنايا يَطَّلِعْـ * ـنَ على الأُناس الآمِنينا
(١/١٠)
---


الصفحة التالية
Icon